السبت، 30 مارس 2013

غجر مصر


بشكل أكيد ينتشر الغجر في معظم أنحاء العالم‏,‏ وكانوا دائمي الترحال‏,‏ يخيمون علي أطراف المدن مع دوابهم وأغنامهم‏,‏ ويرفضون الاستقرار والاندماج‏,‏ ولهم فيما بينهم لغة خاصة يفهمونها وحدهم‏,‏ واتهموا بسرقة ذهب النساء وأعمال السحر وضرب الودع‏..‏ لذلك تعرضوا للاضطهاد في زمن هتلر النازي وموسوليني الفاشستي‏!‏ وكان وليم شكسبير يعتقد أنهم من مصر‏,‏ فجعل كليوباترا في مسرحيته عنها تتصرف مثلهم‏,‏ ذلك أن غجر بريطانيا زعموا ذلك‏,‏ بسبب تشابه الحروف الإنجليزية بين كلمتي غجري‏gypsi‏ ومصر‏Egypt..‏ وهناك من قال ان الشاعر الملحمي هوميروس أصله غجري وليس يونانيا‏,‏ كما أن كتابات ماركيز الأديب الكولومبي صاحب نوبل حافلة بالغجر‏..‏ والمؤكد أن موسيقا رقصاتهم الموروثة أثرت علي فنون الدول التي استوطنوا بها‏,‏ فظهرت في الأعمال الموسيقية لكل من برامز وليست وشوبرت‏,‏ كما نبغ منهم عازفون عالميون لآلة البيانو والكمان‏..‏
والأرجح أنهم من قبيلة جاتس الهندية‏,‏ هاجروا قبل الميلاد من ضفاف نهر السند الي أفغانستان وإيران‏,‏ ثم انتشروا شمالا في ربوع أوروبا ووصلوا إلي أمريكا اللاتينية‏,‏ أو جنوبا في العراق والجزيرة العربية والشام وفلسطين ومصر‏..‏ وفي طفولتي بالمنيا‏(‏ منتصف القرن العشرين‏)‏ كنت أسمع الكبار يحذرون من ضاربة الودع‏,‏ لأن الغجرية تسرق الكحل من العين‏,‏ كناية عن خفة اليد‏!!..‏ لكن سرعان ما اندمج معظمهم في المجتمع‏,‏ وتعلموا وصاروا أطباء وأساتذة جامعة‏,‏ ويفضلون إنكار أصلهم الغجري‏!‏
وبالأسواق كتب كثيرة عنهم‏,‏ مثل كتاب لطفي شلش قبائل الغجر‏1958..‏ وأخيرا كتاب الدكتور محمد عمران موسيقا الغجر المصريين‏2006‏ عن المركز المصري للثقافة والفنون‏,‏ رصد فيه تراثهم الغنائي مع النوتة الموسيقية له‏,‏ والذي كان قد جمع بعضه حوالي عام‏1975,‏ منفردا أو مع عبد الحميد حواس وبول ألمون وعبد الملك الخميس‏(‏ والد الممثلة الموهوبة لقاء الخميس‏)..‏ وكانوا يعملون بمركز دراسات الفنون الشعبية‏.‏
وهو يقول ان موسيقا ورقصات اسبانيا أصولها غجرية‏,‏ وان غجر مصر تعودوا كسب عيشهم بممارسة الغناء ورقص الغوازي وعلاج البهائم واصطياد الثعابين وتصليح الكوالين‏,‏ والتسول وقراءة الطالع‏,‏ وصناعة المراجيح وتجارة الخردة والعطارة‏,‏ وألعاب السيرك مع حيواناتهم المدربة من قردة وكلاب وثعابين‏,‏ ولهم باع في خيال الظل والأراجوز والبيانولا‏.‏
وقد أخذوا من الغناء الشعبي المصري ما توافق مع فطرتهم‏,‏ واحترفوا إنشاده‏,‏ فحافظوا عليه من الاندثار‏,‏ كما برعوا في الربابة والمزمار‏,‏ ومن النادر أن تجد عازف مزمار أو راوي سيرة شعبية أو مداحا ليس منهم‏,‏ ومن أكثرهم شهرة الريس متقال القناوي وابن عمه شمندي‏,‏ وسيد الضو وخضرة محمد خضر‏,‏ وسيد الضو وغيرهم ولكن مع تفاقم الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيرها على مصر في مصر أصبح الغجر المتواجدين في المناطق النائية يشكلون خطرا على الأمن من خلال إحتراف بعضهم السطو وقطع الطرق وغيرها .

الأرقام تتحدث
وتشير الإحصائيات إلى ان عدد الغجر الذين يقيمون في المناطق العشوائية كالمقطم ومنشية ناصر وغيرها يتراوح بين من 150 - 200 ألف مواطن .

ووفقا للمعلومات فإن هذه الأرقام لا يتضمن الغجر الذين عاشوا في المدينة واختلطوا بالمجتمعات المدنية .

النساء "يسرقن ويتوسلن ويسطون" ورجالهن يربون أطفالهم
ويرفض الغجر ان يزوجوا بناتهم من غيرهم حيث ترتفع المهور لديهم أن "السيدة الغجرية"هي التي تعمل وزوجها يجلس في المنزل ويعكف على تربية الأبناء فقط بينما تقوم هي بالتسول واستجداء المارة .. واحيانا النشل ومنهن من تسافر خارج الحدود لممارسة السرقة خاصة في موسم "الحج" .

ولا يرغب الغجر الذين يقيمون في الصحراء إلحاق أولادهم بالمدارس خصوصا إنهم ليس لديهم أية أوراق رسمية لإثبات شخصياتهم ويتزوجون بطرق مختلفة منها مثلا طريقه "العصا" وهي قطعة من نبات الحطب يتم اقتسامها بين العروسين وكذلك قطعة قماش يطلق عليها "المحرمة" وهي التي يتم استخدامها في تنظيف دم الدخلة "دم غشاء البكارة" ويتم تقسيمها إلى قطعتين إحداهما يحتفظ بها العريس طوال حياته والأخري عند أهل العروسة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق